تم النسخ!
متلازمة النفق الرسغي الرياضية: الأسباب والأعراض والعلاج
متلازمة النفق الرسغي هي حالة شائعة تسبب ألما وتنميلا وضعفا في اليد والرسغ، وتحدث نتيجة للضغط على العصب الأوسط أثناء مروره عبر ممر ضيق في الرسغ يسمى "النفق الرسغي". وفي حين أن هذه الحالة ترتبط غالبا بالعمل المكتبي واستخدام الكمبيوتر، إلا أنها تشكل تهديدا حقيقيا وخفيا للعديد من الرياضيين. فالأنشطة الرياضية التي تتطلب حركات متكررة للمعصم، أو ضغطا مطولا عليه، أو استخداما قويا للقبضة، يمكن أن تؤدي إلى التهاب وتورم الأوتار داخل النفق، مما يضيق المساحة المتاحة ويضغط على العصب الحساس.
تحليل شخصي: نرى أن الخطر الأكبر لمتلازمة النفق الرسغي في عالم الرياضة يكمن في التشخيص الخاطئ أو المتأخر. فالرياضيون معتادون على الشعور بالألم والإجهاد، وكثيرا ما يتجاهلون الأعراض الأولية مثل التنميل الخفيف أو ألم الرسغ، معتبرين إياها مجرد "إرهاق عضلي" مؤقت. هذا التجاهل يسمح للضغط على العصب بالاستمرار والتفاقم، مما يحول مشكلة كان يمكن علاجها بسهولة إلى حالة مزمنة قد تتطلب تدخلا جراحيا وتؤثر بشكل كبير على مسيرتهم الرياضية.
⚠️ إخلاء مسؤولية طبية: هذا المحتوى ذو طبيعة توعوية ولا يشكل استشارة طبية احترافية ولا يغني بأي حال من الأحوال عن الاستشارة الطبية المهنية. يشدد بشكل قاطع على ضرورة استشارة الطبيب المعتمد قبل أي إجراء علاجي، لضمان التقييم الدقيق والمناسب لحالتك الفردية وسلامتك.
![]() |
| الضغط المستمر على الرسغ في رياضات مثل ركوب الدراجات هو سبب رئيسي لمتلازمة النفق الرسغي. |
يهدف هذا المقال إلى تسليط الضوء على متلازمة النفق الرسغي في السياق الرياضي، مستعرضين الأسباب المحددة، الأعراض التي يجب على كل رياضي الانتباه إليها، وأفضل استراتيجيات العلاج والوقاية.
الأسباب والرياضات الأكثر خطورة
لا تحدث متلازمة النفق الرسغي لدى الرياضيين بسبب عامل واحد، بل هي نتيجة لمجموعة من العوامل المتعلقة بطبيعة الرياضة نفسها.
وهذا يشبه تماما تآكل حبل يتعرض للاحتكاك المستمر عند نقطة معينة. في البداية، قد لا يظهر أي ضرر، ولكن مع تكرار الاحتكاك (الحركات الرياضية)، تبدأ ألياف الحبل (الأوتار والعصب) في التهيج والتلف تدريجيا حتى تصل إلى نقطة الفشل.
تشمل الأسباب والرياضات الأكثر شيوعا ما يلي:
- الضغط المباشر والمطول: رياضات مثل ركوب الدراجات الهوائية والجبلية، حيث يضع الرياضي وزن الجزء العلوي من جسمه على مقابض الدراجة لفترات طويلة، مما يسبب ضغطا مباشرا على النفق الرسغي.
- الثني والتمديد المتكرر للرسغ: رياضات مثل رفع الأثقال والجمباز، حيث يكون الرسغ في وضعية تمدد (انحناء للخلف) أو ثني (انحناء للأمام) قصوى تحت حمل، مما يزيد الضغط داخل النفق.
- الحركات التكرارية السريعة: رياضات التجديف، والتنس، والبولينج، التي تتضمن آلاف الحركات المتكررة للمعصم، مما يؤدي إلى التهاب الأوتار التي تمر عبر النفق.
- الاهتزازات: استخدام معدات رياضية تسبب اهتزازات، مثل الدراجات الجبلية على الطرق الوعرة، يمكن أن يساهم في تهيج العصب الأوسط.
- إصابات الرسغ الحادة: كسر أو خلع في الرسغ يمكن أن يغير من شكل النفق الرسغي ويؤدي إلى ظهور الأعراض لاحقا.
الأعراض: إشارات تحذيرية لا يجب تجاهلها
تبدأ الأعراض عادة بشكل تدريجي وتزداد سوءا بمرور الوقت، خاصة أثناء ممارسة الرياضة أو في الليل. من المهم جدا التعرف على هذه العلامات المبكرة.
| العرض | الوصف والتفاصيل |
|---|---|
| التنميل والخدر | هو العرض الأكثر شيوعا. يشعر به الرياضي في الإبهام والسبابة والوسطى ونصف إصبع البنصر. قد يستيقظ المريض ليلا مع شعور بـ "تنميل" اليد والحاجة إلى "هزها" لتخفيف الإحساس. |
| الألم | ألم حارق أو وجع في الرسغ قد يمتد لأعلى إلى الساعد أو حتى الكتف. يزداد هذا الألم مع النشاط الذي يضغط على الرسغ. |
| ضعف القبضة | يلاحظ الرياضي صعوبة في إمساك الأشياء بإحكام، مثل مقبض الدراجة، أو مضرب التنس، أو الأوزان. قد تسقط الأشياء من يده بشكل غير متوقع. |
| ضمور العضلات | في الحالات المتقدمة والمزمنة، قد يحدث ضمور (انكماش) في عضلات قاعدة الإبهام، مما يؤدي إلى ضعف دائم في اليد. |
يتم التشخيص من خلال الفحص السريري، حيث يقوم الطبيب بإجراء اختبارات محددة (مثل اختبار فالين وتينيل) لاستثارة الأعراض. قد يتم اللجوء إلى دراسات توصيل الأعصاب (NCS) لتأكيد التشخيص وتحديد شدة الضغط على العصب.
استراتيجيات العلاج والوقاية للرياضيين
الهدف من العلاج هو تخفيف الضغط على العصب الأوسط، ويعتمد بشكل كبير على شدة الأعراض.
ونرى أن الوقاية وتعديل النشاط هما حجر الزاوية في التعامل مع هذه المتلازمة لدى الرياضيين. فبدلا من التركيز فقط على علاج الأعراض بعد ظهورها، يجب على الرياضيين والمدربين العمل بشكل استباقي على تحسين بيئة العمل الرياضي (Ergonomics)، مثل ضبط وضعية مقود الدراجة، أو استخدام قفازات مبطنة، أو تعلم تقنيات الرفع الصحيحة التي تحافظ على استقامة الرسغ. الوقاية دائما خير وأسهل من العلاج.
العلاجات التحفظية (غير الجراحية):
- تعديل النشاط والراحة: الخطوة الأولى هي تحديد وتجنب الحركات التي تسبب الأعراض أو تفاقمها. قد يعني هذا أخذ استراحة من الرياضة أو تعديل طريقة ممارستها.
- جبائر الرسغ: ارتداء جبيرة، خاصة في الليل، يساعد على إبقاء الرسغ في وضع محايد، مما يقلل الضغط على العصب أثناء النوم.
- العلاج الطبيعي: يمكن لأخصائي العلاج الطبيعي تعليم المريض تمارين محددة (تمارين انزلاق العصب والأوتار) تساعد على تحسين حركة العصب داخل النفق.
- الأدوية: قد تساعد مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (مثل الإيبوبروفين) في تخفيف الألم والالتهاب على المدى القصير.
- حقن الكورتيكوستيرويد: يمكن أن يوفر حقن دواء ستيرويدي قوي في النفق الرسغي راحة مؤقتة فعالة من خلال تقليل التورم حول العصب.
- الجراحة (تحرير النفق الرسغي): إذا فشلت العلاجات الأخرى أو كانت الأعراض شديدة، فقد يوصى بالجراحة. يتضمن الإجراء قطع الرباط الذي يغطي النفق الرسغي لزيادة المساحة المتاحة وتخفيف الضغط على العصب.
في الختام، متلازمة النفق الرسغي ليست مجرد إزعاج، بل هي إصابة حقيقية يمكن أن تعرقل أداء الرياضي بشكل كبير. إن فهم الأسباب الكامنة وراءها، والتعرف على الأعراض المبكرة، والبحث عن العلاج المناسب هو أمر بالغ الأهمية. بالنسبة للرياضيين، يجب أن يكون التركيز دائما على الوقاية من خلال تحسين التقنية، واستخدام المعدات المناسبة، وإعطاء الجسم فرصة للتعافي، لضمان استمرارية مسيرتهم الرياضية دون ألم أو قيود.
















